هل تتحول النظريات النقدية إلى شياطين بمجرد أن تطأ أقدامها أرضا غريبة؟ هل يمكن عزل المثاقفة في حقل الدراسات النقدية عن مجمل التفاعلات في الحقول الأخرى؟ وهل يمكن عزلها عن الوضع الحضاري بين الثقافتين، وعن موازين القوة بينهما؟ هل حسن التمثل للنظرية النقدية صك للغفران من خطيئة المثاقفة؟ أم تظل المثاقفة خطيئة تطارد أصحابها إلى أن يتوبوا؟ سؤال واحد وربما سؤالان شكلا دافعا لدى كثير ممن تصدوا للعلاقة بين العرب والغرب في حقل النقد الأدبي. جلهم وصلوا إلى نتائج متطابقة: أن هناك إساء تمثل للنظريات النقدية الغربية، وأن كثيرا ممن يمارسون النقد من العرب لا يحسنون فهم المصطلحات النقدية الغربية، ومن ثم فإن بحوثهم مشكوك في قيمتها. لعل أبرز محاولتين في هذا السياق هما محاولة عبد العزيز حمودة في كتابه "المرايا المحدبة: من البنيوية إلى التفكيك"(1) في العام 1998، ومحاولة سعد البازعي في "استقبال الآخر: الغرب في النقد العربي الحديث"(2) في العام 2004. الكتاب الأول صاخب في لغة صاحبه، وفي ردود الأفعال التي أحدثها، ناقش حمودة فيه فعل المثاقفة في نظريات الأدب كما تمثلها النقاد العرب دون أن يستحضر المفهوم، ولا أن يجيب عن الأسئلة الكبرى المتعلقة به. والكتاب الثاني ناقش فيه البازعي الموضوع نفسه، وأشار إلى المثاقفة إشارات عرضية دون أن يدلف إلى إشكالياتها. الكتابان ليسا وحيدين في موضوعهما، لكنهما، في ظني، أبرز محاولتين لتأمل الطريقة التي تمثل بها النقاد العرب النظريات النقدية الغربية. اللافت للنظر أن الاثنين: حمودة والبازعي ركزا على نظريتين دون سواهما من نظريات النقد: البنيوية والتفكيكية، وقد ترتب على هذا لديهما تكرار أسماء النقاد العرب الكبار الذين عرضوا لهاتين لنظريتين وأساءوا تمثلها: جابر عصفور وصلاح فضل وكمال أبو ديب. وبحسب تخصصهما بوصفهما أستاذين للأدب الإنجليزي، فقد مكنتهما ثقافتهما الإنجليزية من الاطلاع الواسع على أصول هاتين النظريتين، ومن ثم مقارنة ما قدمه النقاد العرب بهذه الأصول. تطرق حمودة إلى الموضوع تحت مظلة أكبر هي مظلة الحداثة، بينما كرس البازعي جل جهده على النظريات النقدية، لكن أطروحة الكتابين واحدة؛ أن هناك إساءة تمثل للنظريات النقدية الغربية، وهي متفاوتة الدرجات من ناقد إلى آخر. اللافت للنظر أيضا أن البازعي لا يشير إلى كتاب حمودة "المرايا المحدبة 1998"، ولا إلى كتابه الثاني "المرايا المقعرة 2001"(3) الذي واصل فيه حمودة هجومه على الحداثيين العرب من خلال اقتراح نظرية عربية بديلة لما يقدمه هؤلاء الحداثيون. تجاهل البازعي الكتابين برغم أن الأول منهما صدر قبل كتاب البازعي "استقبال الآخر 2004" بست سنوات، والثاني قبله بثلاث سنوات.
صبرة, أحمد. (2024). إساءة التمثل بوصفها إشكالية المثاقفة في النقد الأدبي. مجلة کلية التربية بالمنصورة, 125(1), 561-586. doi: 10.21608/maed.2024.366835
MLA
أحمد صبرة. "إساءة التمثل بوصفها إشكالية المثاقفة في النقد الأدبي", مجلة کلية التربية بالمنصورة, 125, 1, 2024, 561-586. doi: 10.21608/maed.2024.366835
HARVARD
صبرة, أحمد. (2024). 'إساءة التمثل بوصفها إشكالية المثاقفة في النقد الأدبي', مجلة کلية التربية بالمنصورة, 125(1), pp. 561-586. doi: 10.21608/maed.2024.366835
VANCOUVER
صبرة, أحمد. إساءة التمثل بوصفها إشكالية المثاقفة في النقد الأدبي. مجلة کلية التربية بالمنصورة, 2024; 125(1): 561-586. doi: 10.21608/maed.2024.366835