التأصيل الإسلاميّ لمفهوم التربية الحضاريَّة وتطبيقاته التربويَّة

نوع المستند : مقالات أدبیة وتربویة

المؤلف

المستخلص

إنَّ اهتزازاتِ القِيَم - التي تسود العالَم- تجعل هذا العالَم في أمسِّ الحاجة إلى إسهام الإنسان المسلم في تقديم رؤيته؛ لإعادة بناء شخصيته، ومن ثمَّ إعادة بناء العالَم مِنْ خلال رؤية العالمَ الإسلاميَّة. خاصةً وأنَّ الأُمَّة العربيَّة والإسلاميَّة قد أظلتها قِيَم الحداثة وما بعد الحداثة، بمساعدة "قوى العولمة ووسائلها الإعلاميَّة الطَّاغية التي أدخلتْ كثيرًا مِنْ قِيَمِهَا إلى كل بيتٍ، وأسهمتْ في تنميط القِيَمِ، في مختلف مجالات الحياةِ الفرديَّةِ والاجتماعيَّةِ" ([1]).
في حقيقة الأمر "للقِيَم بُعْدَيْن متلازميْن: البُعد الأول يمثِّل القِيَم في أصلها الثَّابت الذي يرتبط بالفطرة البشريَّة، والمشتركات الإنسانيَّة، وقاعدة التعارف والتآنس، وهو البُعد المطلق مِن القِيَم الذي يتحكَّم في فكر الناس وسلوكهم وعلاقاتهم. والبُعد الثاني يمثِّل القِيَم في مجالات تطبيقاتها المُتَغيِّرة في الزمان والمكان والإنسان"([2])، وما التأصيل الإسلاميّ للمفاهيم إلا أنموذجًا حيًّا لكلا النوعيْن مِن القِيَم: الأول: المطلقة الثابتة (قيم الغايات) و"هي التي تُطْلَب لذاتها، ولا تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال، وتتحدد في الدراسات الفلسفيَّة بمثلث القِيَم العُليا: الخير والحق والجمال. وتتحدد في الدراسات الدينيَّة – حسب توجُّهات الفِرَق الكلاميَّة بـ: التوحيد والنُّبوة والمعاد. وتتحدد في الدراسات الحضاريَّة بـ: التوحيد والتزكية والعمران"([3])، أما المرنة المتغيرة (قيم الوسائل) فـ"هي التي تُطْلَب لغيرها، أي وسيلة تُكْتَسب لتحقيق قيمة أخرى أعلى منها، وهي ذات طبيعة نسبيَّة تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال"([4]).
 
([1]) فتحي حسن ملكاوي: "التأصيل الإسلامي للقيم" إسلامية المعرفة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، العدد 54، السنة 14، خريف 1429هـ/ 2008م، ص18
([2]) سيف الدين عبد الفتاح: مُدخل القيم: إطار مراجعة لدراسة العلاقات الدولية في الإسلام – الكتاب رقم (2) من سلسلة مشروع العلاقات الدوليَّة في الإسلام (القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1419هــ/ 1999م) ص21
([3]) فتحي حسن ملكاوي: التأصيل الإسلامي للقيم، مرجع سابق، ص19
([4]) نفس المرجع السابق.

الكلمات الرئيسية