الفتوحات الإسلامية في المشرق الإسلامي في عصر الخلفاء الراشدين من خلال کتاب الطبقات الکبرى لابن سعد

نوع المستند : مقالات أدبیة وتربویة

المؤلف

المستخلص

شکل المشرق الإسلامي منذ وقت مبکرا أهمية تاريخية کبرى، فقد شهدت تلک الأراضي العديد من الإنجازات والتي کان من أبرزها نشر الإسلام من خلال الفتوحات الإسلامية التي شکلت مجتمعًا إسلاميًا جديدًا في تلک المناطق، حيث ترکت تلک الإنجازات آثارًا متعددة في شتى مناحي الحياة في المشرق الإسلامي. وقد کان تاريخ عصر الخلفاء الراشدين ملئ بالدروس، والعبر، وهي متناثرة في بطون الکتب، والمصادر، والمراجع سواء کانت تاريخية أو حديثة أو فقهية أو أدبية أو تفسيرية، فنحن في أشد الحاجة لجمعها وترتيبها وتوثيقها وتحليلها؛ لکي نتعرف على حياة عصر من قال الله تعالى فيهم([i]): وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِکَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) ([ii]).
إن أهم المظاهر التي ظهرت في عصر الخلافة الراشدة تمثلت في التنظيمات الإدارية والعسکرية والاقتصادية لتوسع الأراضي الإسلامية التي بدأت تتجه شرقًا وغربًا حتى شملت عدة أقاليم واسعة أکثر مما کانت عليه من قبل، لذا فإنه من الطبيعي أن ينظم الخليفة شؤون تلک الأقاليم ويعين الولاة حتى يکونون نوابا عنه في ضبط إدارة البلاد إداريًا وعسکريًا.
ومن الواضح أن الأوضاع السياسية للدولة الإسلامية لم تکن مستقرة فعلى الرغم من العزيمة والإصرار والجهود التي تبذل من أجل الاستقرار وتوطين الأمن داخل الدولة إلا أن الثورات -أحيانا- کانت تلازم الفتح مما يشکل عرقلة في مواصلة الفتوحات بل وتوقفها أيضًا في بعض العصور، والمقصود بالثورة هنا القلاقل والاضطرابات؛ أي أن معظم الثورات في بلاد المشرق الإسلامي في طبقات ابن سعد لم تکن على درجة من النضج بحيث تشکل حرکة ذات أهداف واضحة ومرسومة لتغيير الواقع آنذاک بل کانت مجرد حرکات وانتفاضة أو تجمع عشوائي لبعض أفراد المجتمع حاولوا الخروج على الدولة بهدف تغيير سلوک بعض الولاة.
وقد اختلفت وتنوعت الثورات في الدولة الإسلامية، فهناک ثورات سياسية دينية: والتي يرجع معظمها إلى الطموح الشخصي عند بعض الأفراد مستغلين بعد مناطق ومدن المشرق وبلاد ما وراء النهر عن مقر الخلافة، وثورات دينية بحته کفرق الخوارج([iii])،



([i]) على محمد محمد الصلابي، موسوعة السير، تيسير الکريم المنان في سيرة أمير المؤمنين عثمان بن عفان، شخصيته وعصره، الطبعة الثانية، (سوريا- دمشق، دار ابن کثير للطباعة والنشر والتوزيع، 2009)، ج5، ص6.


([ii]) التوبة: 100.


([iii]) وهم کل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجيا، سواء کان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين؛ أو کان بعدهم على التابعين بإحسان، والأئمة في کل زمان. الشهرستاني، أبو الفتح محمد بن عبد الکريم بن أبى بکر أحمد (548هـ)، الملل والنحل، تح: عبد العزيز محمد الوکيل، د. ط، (مصر-القاهرة، مؤسسة الحلبي، 1387هـ– 1968م)، ج1، ص114.

الكلمات الرئيسية