تؤکد التوجهات العالمية علي أهمية إکساب المتعلم المهارات المتوافقة مع تطورات القرن الحادي والعشرين والتي تمکنه من التعايش مع المجتمع من حوله، ومن ثم فإن إکساب المتعلم مهارات القرن الحادي والعشرين يُعد مطلباً ضرورياً لمواکبة التطورات العالمية. والموهوبون هم الکنز والثروة الحقيقية للمجتمع، ولکنهم کغيرهم من أفراد المجتمع يواجهون العديد من التحديات و المشکلات التي تعوق قدراتهم وتفوقهم، ومن ثم وجب العمل على تطوير قدرات الموهوبين مما يُسهم في التنمية المتکاملة لشخصيتهم، وتحقيق الاستثمار الأمثل لقدراتهم وإمکاناتهم من خلال تفاعلهم الإيجابي والمؤثر في مجتمعهم، ولعل في مهارات القرن الحادي والعشرين الحل الأمثل لتدريبهم وتطوير قدراتهم. وتشتمل الورقة البحثية الحالية علي ثلاثة محاور: حيث يتناول المحور الأول الموهوبين من حيث المفهوم والخصائص والمشکلات التي تواجههم، بينما يناقش المحور الثاني مهارات القرن الحادي والعشرين من حيث المفهوم والتصنيف والخصائص والأهمية، ثم انتقلت الورقة إلي المحور الأخير منها ويتضمن البحوث المقترحة والتوصيات الخاصة بتوظيف مهارات القرن الحادي والعشرين في رعاية الموهوبين.
مقدمة
المحـور الأول: المـوهــوبيــن Gifted
منذ عقود مرت من الزمن کانت الدول تهتم بثرواتها المادية، حيث تهدف إلي تطويرها وتنميتها قدر الإمکان حتي تستنزف منها أطول فترة ممکنة من الزمن وتستغلها أفضل استغلال، فهي من وجهه نظرها من أفضل الثروات التي لابد منها حتي تتقدم وتتطور، ولکن في العقود الأخيرة أصبحت المجتمعات تُرکز علي الثروة البشرية، حيث اکتشفت هذه المجتمعات أن فکرتها تلک کانت خاطئة، فالثروات المادية قد تنضب في يوم من الأيام إلا أن الثروة الإنسانية لا يمکن أن تنضب، فهي مستمرة ما استمرت الحياة وهي الثروة التي تستطيع أن تطور من نفسها وتطور الثروات المادية الأخرى الموجودة حولها، وإذا کان هذا الحق مکفول للناس عامة فمن الأولي أن يکون حقا للموهوبين والمتفوقين الذين يمتلکون بطبيعة الحال قدرات ومواهب أعلي من عامة الناس (جمال الدين الشامي، 2017، ص ص 57: 59).
ويُعد الأطفال الموهوبين کنز لابد من الإهتمام بهم ورعايتهم لأن الإهتمام بهم يعتبر إهتماماً بمنابع الإبداع والتقدم والرقي وترقي الشعوب والأمم برقي أبنائها، فکم من الدول اشتهرت وعلا شأنها بسبب ظهور موهوبين فيها، لذلک تطلعت الدول المتقدمة إلى جذب المواهب وإيجاد بيئة نقية ومناسبة لها لإدراکها بأهمية الموهبة والموهوبين في الرقي بتلک المجتمعات (قيس عصفور، وأحمد بدران، 2012، ص 556).
لذلک بدأت الدول النامية تشعر بأهمية الثروات البشرية من أبنائها فأعادت النظر في برامجها ومناهجها التربوية، وحاولت تمهيد الطرق بإزالة العقبات وخلق المناخ المناسب والمشجع لتنمية الذکاء والقدرات الابتکارية في محاولة اللحاق برکب التطور التکنولوجي (طارق عامر، 2009، ص 22).