أهل البيت والشيعة نهجان متعارضان " دراسة تاريخية في خلافة الإمام علي بن أبي طالب "معرکتي الجمل وصفين نموذجًا"

نوع المستند : مقالات أدبیة وتربویة

المؤلف

المستخلص

قد يتبادر للذهن عند البعض أنَّ الشيعة وأهل البيت مصطلحان مترادفان في الدلالة والمواقف، ولکن في حقيقة الأمر عکس ذلک تماما ً، فهما نهجان متعارضان لا يلتقيان، ولکن ما سبب الالتباس لدى البعض هو استغلال الشيعة وبصفة خاصة المغالي منهم لقيمة ومکانة أهل البيت وأئمتهم عند عامة الناس، الأمر الذى جعل الشيعة يوجهون الأحداث لمصالحهم ويقودون الناس باسم الأئمة.
لا أقصد بذلک أن أئمة أهل البيت کانوا في معزل عن عامة الناس، أو أنهم اتخذوا مواقف سلبية ضد شيعتهم وبخاصة المغالون في حقهم، ولکنهم وقفوا أمامهم وأمام خططهم الرامية لإفساد الدين أو إحداث بلبلة وفتنة ونزاع بين المسلمين.
حقق أئمة أهل البيت نجاحًا في بعض الأوقات ضد هؤلاء الشيعة المستغلين قربهم منهم، واجتهد الأئمة کثيرًا حتى استطاعوا إجهاض بعض الفتن التي کانت تُشتعل باسمهم بين الحين والآخر إلا أنه في الکثير من الأحيان کان ينجح هؤلاء المتشيعون في استقطاب الآلاف لدعاويهم الباطلة لتحقيق إمَّا مصالح شخصية خاصة بهم أو لإفساد علاقة المسلمين بدينهم .
قد ظهر هؤلاء الغلاة متلبسين بمظهر المحبين لأهل البيت والمدافعين عنهم وعن حقوقهم في خلافة المسلمين متناسيين أن رسول الله r ترک أمر الخلافة من بعده لمن يحقق العدل بين الناس (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاکَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْکُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّکَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) ([1])
(وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِکَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُکَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).([2])
ولم يفرض r أن يکون الخليفة من أهل بيته وهناک العديد من الشواهد الدالة على ذلک منها ما ذکره رسول الله r من أحاديث شريفة على سبيل المثال وليس الحصر: قوله r: "ان استعمل عليکم عبدًا حبشيًا ما قادکم بکتاب الله، فاسمعوا له وأطيعوا" ([3]) وقوله r: "وَاللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا".([4])
هذه الأحاديث الشريفة توضح بما لا يدع مجالا ً للشک بأن رسول الله r لم يفرض
أحدا ًمن أهل بيته خلفه ولم يطلب من المسلمين أن يقدسوا أهل بيته أو يرفعوهم فوق منزلتهم وفوق باقي المسلمين فقد أتي r ليهدم فکرة عبادة الناس بعضهم لبعض وأن تکون العبادة
خالصة دون أي شرک أو واسطة بين أحد وخالقه فيقول الله سبحانه وتعالي في محکم
تنزيله: (وَإِذَا سَأَلَکَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) .([5])



([1]) سورة ص: الآية 26.


([2]) سورة البقرة: آية 124.


([3]) الجارود: سليمان بن داود: مسند أبي داود الطيالسي، ج3، ط1، تحقيق محمد عبد المحسن الترکي بالتعاون مع مرکز البحوث والدراسات العربية والإسلامية بدار هجر، هجر للطباعة والنشر، الجيزة، 1420هـ/1999م، حديث رقم 1759، ص 228.


([4]) ابن راهوية: اسحق بن ابراهيم بن راهويه بن حنظلة المروزى: المسند، ج2، ط1، تحقيق ودراسة مرکز البحوث وتقنية المعلومات بدار التأصيل، دار التأصيل، القاهرة، 1437هـ /2016م، مسند عائشة، بقية أحاديث عن مشيخة، عن عائشة عن رسول الله r تٌلحق في أبوابها، حديث رقم 1736 ص 216، البخاري: محمد بن اسماعيل: صحيح البخاري، ط1؛ طبعة جديدة مضبوطة ومصححة ومفهرسة، دار ابن کثير، دمشق،1422ه/2002م، کتاب الحدود، باب کراهية الشفاعة في الحد إذا رفع الي السلطان، حديث رقم 6788 مع اختلاف اللفظ والاتفاق في المعني عن الحديث الوارد في المتن، ص 1680، مسلم: أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيرى النيسابورى: صحيح مسلم، اخراج وتنفيذ بيت الأفکار الدولية، الرياض، 1418هـ/ 1998م، کتاب الحدود، باب قطع السارق الشريف وغيره، والنهي عن الشفاعة في الحدود، حديث رقم 1688، مع اختلاف اللفظ والاتفاق في المعني عن الحديث الوارد في المتن، ص700.


([5]) سورة البقرة: آية 186.

الكلمات الرئيسية