الحمد لله الذي علم بالقلم, علم الإنسان ما لم يعلم, والصلاة والسلام على من أوحي إليه أن: اقرأ .. فقرأ وهو خير من قرأ, ونطق وهو خير من نطق, وأفصح وهو سيد من أفصح ... اللهم صل وسلم وبارک عليه وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فلقد اهتم علماؤنا بدراسة اللغة العربية لغتهم العزيزة التي بها يتکلمون وبها يتخاطبون, وزاد اهتمامهم بها حين وجدوا الأيدي العابثة قد امتدت عليها, ودب اللحن على الألسنة, فخشى الغيورون على لغة القرآن الکريم من ضياعها, ومحو آثارها, فأرسوا قواعدها, ونظموا أصولها حتى کثرت المؤلفات التي تُعنى بقواعد النحو والصرف, ولقد تناول کثير من اللغويين والنحويين ظاهر التذکير والتأنيث في اللغة العربية بالدراسة في طيات کتبهم اللغوية والنحوية, بل أفرد لها بعضهم بعض المؤلفات المستقلة, کالفراء, وابن سلام, وأبي حاتم السجستاني, والمبرد, والزجاج, وابن الأنباري, وابن خالويه, وابن جني وغيرهم, وقد اهتم هؤلاء وأولئک على الأخص بالمؤنثات السماعية, وهي التي تعامل معاملة المؤنث, ولا تحمل واحدة من علامات التأنيث المختلفة؛ لأن هذا النوع من المؤنثات هو الذي يکثر فيه الخطأ؛ فيحتاج إلى التنبيه عليه, فدراسة هذه الظاهرة من الأهمية بمکان؛ وذلک لأن العرب أعطوها أهمية تفوق أهمية معرفة الإعراب؛ لأنهم اعتبروا أن الفصاحة هي معرفة التذکير والتأنيث, وقد أجمعوا على ترک کثير من الإعراب, وأما تأنيث مذکر أو تذکير مؤنث فمن العجمة عند من يعرب ومن لا يعرب.
وقد جعلت هذه الدراسة تشتمل على مقدمة وتمهيد وفصلين:
أما المقدمة: فتناولت فيها سبب اختياري لهذه الدراسة, وأما التمهيد: فتحدثت فيه عن ظاهرة التذکير والتأنيث.
وأما الفصل الأول فيشتمل على أربعة مباحث:
المبحث الأول بعنوان: الأصل في الأسماء التذکير.
والمبحث الثاني بعنوان: علامات التأنيث وبعض أوزان أَلف التأنيث المقصورة والممدودة.
والمبحث الثالث بعنوان: المؤنث بغير علامة وکيف يستدل على تأنيثه.
والمبحث الرابع بعنوان: الصفات التي لا تلحقها التاء.
والفصل الثاني يشتمل على أربعة مباحث:
المبحث الأول بعنوان: جمع المؤنث بغير علامة.
والثاني بعنوان: تصغير المؤنث بغير علامة.
والثالث بعنوان: المؤنث بغير علامة بين الصرف وعدمه.