التنمر المدرسي وعلاقته بأساليب المعاملة الوالدية الخاطئة کما يدرکها تلاميذ المرحلة الإعدادية

نوع المستند : مقالات أدبیة وتربویة

المستخلص

لقد شغلت قضية العدوان الإنسان منذ فجر التاريخ، وکانت موضوعا شغل بال رجال الدين والفلاسفة وعلماء البيولولوجيا والأنثروبولوجيا وعلماء النفس والاجتماع والسياسيين، وسلوک التنمر کأحد أشکال السلوک العدواني ، فقد بدأ الاهتمام بدراسته في السبعينيات من القرن الماضي، إذ أجريت العديد من الأبحاث على التنمر في استراليا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريکية التي أکدت أن معدلات أعمال التنمر بين الشباب بمختلف الفئات بشکل عام وتلاميذ المدارس بشکل خاص تراوحت بين 2% إلى 19% (Yang et al, 2006).
والتنمر المدرسي (School Bullying) بما يحمله من عدوان تجاه الآخرين سواء أکان بصورة جسدية أو لفظية أو نفسية أو اجتماعية من المشکلات التي لها آثار سلبية على القائم بالتنمر أو على ضحية التنمر أو على البيئة المدرسية، إلا أن المهتمين بالعلاقات الاجتماعية لم يهتموا بهذه الظاهرة، ولم يأخذوها بمحمل الجد على اعتبار أن ما يحدث بين التلاميذ في المدارس هو نوع من أنواع الدعابة البسيطة التي لا تتعدى حدود الممازحة العابرة بين الأقران، والتي تظهر ثم لا تلبث أن تتلاشى تلقائيا إلى أن جاء أولويس (Olweus) عام 1991 ووجه الأنظار إلى خطورة هذه الظاهرة وهذا المصطلح الجديد (خوج، 2012، 190).
ويرى سميث (Smith,2004) أن تنامي الاهتمام بظاهرة التنمر في المدارس وتطور الدراسات حولها يعزي إلى عدد من الأسباب منها الآثار المدمرة لهذه الظاهرة وخاصة على بعض الطلبة وإلى وعي الأهالي بالظاهرة وضغطهم على المدارس لوقفه وعلى وسائل الإعلام للتوعية بها.
إن الأطفال الذين يواجهون أقرانهم بالعنف والمضايقات تظهر لديهم نزعة عدائية تجاه المجتمع والنظم ويمارسون القسوة تجاه الآخرين في فترة الشباب، ويکون لذلک تأثيرات نفسية وصحية وتربوية واجتماعية خطيرة على الأطفال تتمثل في ارتفاع نسب تعرضهم للاکتئاب والقلق وعدم القدرة على السيطرة على النفس أثناء الغضب أو سلوک تدمير الذات واحتمال الإصابة ببعض الأمراض مجهولة الأسباب (سليم، 2011، 106).
وعلى صعيد المدرسة يؤکد بدويل (Bedwell,1997) أن التنمر يؤدي إلى مظاهر سلوکية خطيرة تتمثل في محاولة حمل الأسلحة بهدف اللعب والتباهي أو تهديد الأطفال الآخرين، مما يؤدي إلى تغيب الأطفال الضحايا عن المدرسة لعدم شعورهم بالأمان فضلا عن ضعف تحصيلهم الدراسي بسبب القلق والخوف وضعف التقدير الذاتي.
ويؤکد سمورتي وآخرون (Smortiet al,2006) أن التنمر المدرسي يعد شکلا من أشکال التفاعل العدواني غير المتوازن وهو يحدث بصورة متکررة باعتباره فعلا روتينيا يوميا في علاقات الأقران في البيئة المدرسية يقوم على السيطرة والتحکم والهيمنة والإذعان بين طرفين أحدهما يقوم بالاعتداء وهو المتنمر والآخر المعتدى عليه وهو الضحية يسبق ذلک نية وقصد متعمد تعکسه ثقافة التلاميذ باعتبارها سلوکا ثابتا لتلک الثقافة التي تعاملت مع مفهوم التنمر بوصفه مصطلحا خاصا للعنف المدرسي.
ويؤکد کيروز وآخرون (Quiroz et al,2006) أن التنمر المدرسي شکل من أشکال العنف يلحق الضرر بالآخرين، يحدث أثناء ممارسة الأنشطة الصفية واللاصفية، حيث يستخدم طالب أو مجموعة من الطلاب قوتهم في إيذاء طالب أو طلاب مجموعة أخرى، ويکون أساس قوة المتنمرين إما قوة جسدية أو العمر الزمني أو المستوى الاجتماعي أو المهارات التکنولوجية، وقد يکون أساسها وجود رابطة تحميهم مثل الأسرة.
ويرى الصوفي والمالکي (2012، 149) أن التنمر کظاهرة سلوکية سلبية قد ترجع في جزء کبير منها إلى خلل في أساليب التنشئة الوالدية المبکرة للأبناء منذ الطفولة أو ضغط جماعات الأقران أو التأثيرات السلبية لوسائل الإعلام، کما أن جزء من المسئولية يعود إلى ضعف دور المؤسسات التعليمية في التربية النفسية للطلاب وتنمية مهارات الکفاءة الاجتماعية والأخلاقية لديهم.
ويرى أبو غزالة (2010) أن ظاهرة التنمر المدرسي تنمو وتستمر بخفية تامة في ظل إهمال الوالدين وإهمال المدرسة والاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين الذين غاب دورهم في هذا الشأن بسبب نقص خبرة بعضهم وضعف درايتهم بخفايا هذه القضية في المدارس بالإضافة إلى أنها ظاهرة تمارس بحذر شديد بعيدا عن أعين هؤلاء الإختصاصيين وأن هناک تشابه بعض جوانب السلوک التنمري مع بعض أعراض السلوک العدواني ، کما أن کثيرا من الآباء والمعلمين لا يعرفون السبب الحقيقي وراء ظاهرة التنمر.

الكلمات الرئيسية