امتلاک معلمات العلوم قبل الخدمة بجامعة حفر الباطن للمفاهيم العلمية وأبعاد حب الاستطلاع العلمي (دراسة تقويمية)

نوع المستند : مقالات أدبیة وتربویة

المؤلف

أستاذ مساعد المناهج وطرق التدريس- کلية التربية جامعتي حفر الباطن والمنصورة

المستخلص

تُعتبر قضية إعداد المعلم وتدريبه إحدى القضايا التربوية المهمة؛ حيث إنه  يمثل محور التطور ومرکز التقدم في المجتمعات لذلک يجب زيادة الاهتمام بإعداده والارتقاء بمستواه الأکاديمي وتحسين أدائه قبل وأثناء الخدمة من خلال برامج تعليمية مبنية على معايير علمية، فوجود المعلم الکفء أساسي وضروري لتحقيق الأهداف التربوية المنشودة، لذلک فإن برامج إعداد المعلمين تقوم بتزويد النظام التربوي بأحد أهم مدخلاته الرئيسة وهو المعلم.
وعليه فإن تقويم برامج إعداد المعلم ضرورة تفرضها متطلبات العصر من أجل تطوير المُخرج التعليمي بما يحقق متطلبات الجودة، وفي هذا الصدد يوضح يوسف بن محمد (2010، 404) أنه يوجد قصور في برامج إعداد المعلم عن الوفاء بحاجات الطلاب المعلمين في ظل المجتمع المعرفي المتسارع بالتغير والمواءمة مع المعلوماتية، کما يذکر کل من: خالد بن عواض (2016، 399) وعبد الله العامري (2009، 17) أنه بالرغم من الدور الذي تقوم به المؤسسات التعليمية في برامج إعداد المعلم فإنه مازال يحتاج إلى دورات خاصة في القضايا العلمية المتعلقة بالمناهج التي يقوم بتدريسها حتى يستطيع التعامل معها بسهولة، فقد يختلف ما دَرسه المعلم مع ما سيدرّسه.
ويؤکد يوسف الهويش (2018، 249) أن أهم مشکلتين تواجهان التعليم في الدول العربية هما أولا: نقص فرص الحصول على التعليم، وثانيا: نقص جودة هذا التعليم.
وقد أکد محمود عزام (2017، 2) على أن هناک حاجة ضرورية لتطوير برامج إعداد المعلم مع الترکيز على الاهتمام بالجوانب العملية والتطبيقية للمقررات الدراسية في برامج إعداد المعلم، وبخاصة التدريب الميداني، وأن تهتم برامج الإعداد بجوانب التعلم المعرفية والمهارية والوجدانية، ويکون التوجه نحو إعداد معلم متخصص ذو نوعية خاصة تناسب طبيعة العصر والتطورات المستقبلية وقادر على تحقيق متطلبات جودة التعليم.
کما أشارت بعض الدراسات التي اهتمت ببرامج إعداد معلم العلوم مثل دراسة  عبد الله المخلاقي (2005)،  ودراسة ناصر صالح (2005)، ودراسة راشد محمد (2007)، ودراسة ميادة طارق (2010)، ودراسة محمد نصر (2010)، ودراسة کل من إيمان محمد، وتهاني الروسا(2012)، ودراسة ياسر بيومي (2013)، ودراسة إبراهيم اللزام (2017) إلى أن درجة ممارسة معلمي العلوم للکفايات التعليمية الأدائية کان أقل من المستوى المقبول تربوياً،  وأن برامج إعداد معلم العلوم لا تراعي الاتجاهات التربوية الحديثة وتحتاج للتطوير، وإعادة بناء معايير تربية المعلم وإجازته، وأن هذه البرامج لا تفي بمعايير الجودة الوطنية للتقويم والاعتماد الأکاديمي، هذا ولم تتطرق هذه الدراسات إلى تمکن معلمي العلوم قبل الخدمة من الجوانب الأکاديمية أو الثقافية وما تحتويه من معارف ومهارات مختلفة، ولم تتطرق أيضًا إلى علاقة برامج الإعداد بما سيقوم خريجوها بتدريسه في المستقبل من مواد دراسية عامة ومادة العلوم خاصة.
وتعتبر مادة العلوم من المواد الأساسية التي يدرسها التلاميذ بالمرحلة المتوسطة، وتهدف إلى إکسابهم المفاهيم العلمية التي تساعدهم على فهم ذاتهم والبيئة من حولهم، وتنمية مهارات التفکير المختلفة، وتنمية الاتجاهات والقيم العلمية، وهذا يعني ضرورة أن تشتمل برامج إعداد معلم العلوم على مقررات دراسية تهتم بدراسة فروع المعارف العلمية المختلفة، ولاسيما العلوم بما يسهم في تنمية هذه الجوانب المختلفة لدى خريجيها.
وتُمثل المفاهيم العلمية البنية الأساسية في مادة العلوم، لذلک يجب تعلّمها بشکلٍ صحيح لجميع أفراد المجتمع؛ حيث يشير عبد السلام مصطفى (2001، 146-147) إلى أن التربية العلمية أکدت على ضرورة تعلم المفاهيم بطريقة صحيحة، کما أکدت الرابطة القومية لمعلمي العلوم في الولايات المتحدة الأمريکية أن من أهم صفات الفرد المثقف علميًا هو الفهم الصحيح للمفاهيم العلمية المختلفة بحيث يساعده ذلک في صنع قراراته وتدبير أمور حياته المختلفة.
ويوضح عايش زيتون (1988، 77) أن حب الاستطلاع العلمي واحد من مکونات المجال الوجداني والانفعالي ومن الأهداف المرغوبة التي تسعى التربية إلى تحقيقها في تدريس العلوم، وأنه عامل مؤثر بالنسبة لتعليم المتعلمين وحافز لهم على البحث عن المجهول.
يتضح مما سبق أن مساعدة المتعلمين على اکتشاف المعرفة العلمية بصورة وظيفية وتنمية المفاهيم العلمية لديهم  ينعکس على تحصليهم الدراسي، والذي يرتبط بمؤثرات أخرى منها حب الاستطلاع العلمي وهذا من أهم الأهداف التي تسعى التربية العلمية إلى تحقيقها في مجال تعليم وتعلم العلوم، لذلک يجب مراعاة ميول المتعلمين واهتماماتهم نحو العلوم، حيث إن حب العلوم هو هدف أساسي من أهم أهداف تدريس العلوم.
ولذلک ينبغي التأکيد على جعل المتعلم دائم التفاعل حيث يتساءل وينتج ويبحث ويتقصَّى ويکتشف بدلاً من دراسة المعلومات وحفظها ثم استرجاعها عند الحاجة إليها، وهذا بدوره يؤدي إلى تشجيع وتعزيز حب الاستطلاع العلمي لدى المتعلم؛ وذلک من أجل تکوين قاعدة من المتعلمين المتفوقين وتوجيههم بطرق علمية نحو الإبداع.
وفي ضوء ما تقدم فإن معلمي العلوم قبل الخدمة مُطَالبين بالتمکُّن من المفاهيم العلمية، وذلک لأمرين، الأول: يتعلق بهم شخصيًا بما أنهم أفراد في المجتمع فمن الضروري لهم أن يتمتعوا بقدر من الثقافة العلمية، والأمر الثاني: يتمثل في أن تمکنهم من المفاهيم العلمية يجعلهم قادرين على تقديمها بشکل علمي دقيق ومبسط للتلاميذ بما يتلاءم مع طبيعة المرحلة العمرية التي تقدم فيها، أو بشکل دقيق التمکن من المادة العلمية، وطريقة تقديمها، وکذلک فإن عليهم امتلاک أبعاد حب الاستطلاع العلمي حتى يستطيعوا تنميتها عند متعلميهم.