امتنان الرحمن على رسول الأنام .. سورة الضحى نموذجًا

نوع المستند : مقالات أدبیة وتربویة

المؤلف

استاذ مساعد في جامعة الجوف کلية العلوم والآداب

المستخلص

الحمد لله رب العالمين ، الذي خلقنا بفضله مسلمين ، و أنعم علينا بالفضل المبين ، و جعلنا به من المکرمين ، و جعلنا له عابدين حامدين ، و الصلاة و السلام على خير المرسلين ، محمد بن عبد الله الصادق الأمين ، الرحمة المهداة من أرحم الراحمين ، معلمنا و قدوتنا و أشرف الخلق أجمعين ، و حبيب الرحمن و خاتم النبيين ، و على آله و صحبه ، و منْ تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد:  
فإن الله – جل و علا – أنعمه علينا کثيرة ، و هباته التي أعطانا وفيرة ، جاوزت حد الحصر و التعداد ، سبحانه و تعالى رب العباد ، الرحمن ، الحنَّان المنَّان ، لا يقدر حسابها إنس و لا جان ، کما قال – جل و علا – في آيات القرآن :" وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ " [ النحل : (18( ] ، و هذه النعم التي أنعم الله – جل و علا – بها على عباده ، واضحة وضوح الشمس ، لا ينکرها إلا جاهل أعمى ، فکل ما فينا نعم ، و کل ما حولنا نعم ، و الخلق في حد ذاته نعمة ، و الحياة نعمة ، و حتى نفس الهواء الذي نتنفسه نعمة  من عديد نعمه التى لا تحصى ولا تعد  .
   إن الرحمن – جل و علا – قد عم عباده بنِعَمِ عامة ، اشترک فيها کل ولد آدم – عليه السلام – کما يقول في کتابه العزيز :" يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّکَ بِرَبِّکَ الْکَرِيمِ ( 6 )  الَّذِي خَلَقَکَ فَسَوَّاکَ فَعَدَلَکَ ( 7 ) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَکَّبَکَ( 8 ) " [ الانفطار] ، کما يقول في سورة البلد :" أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ( 8 )وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ( 9 )وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ( 10 ) " و غير ذلک من نعم کما سيلي ذکره في هذا البحث ، إلا أنه خصَّ – سبحانه و تعالى – بعض عباده بنعم و منح خاصة ، فکان امتنان منه عليهم ، يفضلهم به أو يدعمهم لغرض ما و غالبًا ما تکون الدعوة لعبادته – جل و علا - ، کما نرى هذا جليًّا مع منْ اصطافهم من عباده ، ليبلغوا رسالاته ، و هم الأنبياء و الرسل کما سيتأتى ذکره في مطلب " خصوصية نعم الله تعالى " .
   إن کان الله – جل و علا – قد خصَّ بعض عباده بنعم و نفحات خاصة لهم ، ليعزز موقفهم الدعوي ، مبرهنًا بالدليل المادي الملموس على صدق رسالتهم و دعوتهم ، فما بالنا بما خص به حبيبه – صلى الله عليه و سلم – و الذي أکرمه بامتنانه قبل ميلاده و خلال مسيرة حياته و حتى بعد وفاته ،وما أعده الرحمن من نعم لرسول الأنام في الدار الآخرة، و ذلک هو المحور الرئيس في بحثنا هذا المعنون بـ " امتنان الرحمن على رسول الأنام .. سورة الضحى نموذجًا ".