الافکار اللاعقلانيه وعلاقتها بالإنسحاب والإغتراب لدى الاطفال المکفوفين بالحلقه الاولى من التعليم الاساسى

نوع المستند : مقالات أدبیة وتربویة

المؤلف

أستاذ علم نفس الطفل المساعد کلية التربية للطفولة المبکرة جامعة المنصورة

المستخلص

کف البصر يعد من الإعاقات ذات الأثر النفسي العميق والتي من شأنها أن تصبغ الشخصية بصبغة مختلفة تتناسب وأبعاد هذه الإعاقة، فإن کف البصر لا يعني غياب حاسة البصر أو غياب الجانب البصرى في الأشياء والکائنات والمعاملات فقط، ولکن غياب هذه الحاسة يفرض على الشخص الکفيف حياة ضيقة محدودة، تلک الحياة يصله منها ما يدرکه باللمس أو السمع أو الشم أو التذوق کما تفرض عليه أيضًا عزلة اجتماعية، فلا يشارک بفعالية في الأنشطة الاجتماعية أو الأحداث الجارية التي تهم بيئته ومجتمعه بنفس الکيفية التي يشارک بها الشخص المبصر، ومن هنا قد ينعزل عما حوله اجتماعيًا و نفسيًا و فکريًا، فيتسلل الشعور بالاکتئاب والإنسحاب والاغتراب إلى نفسه حتى يبني لنفسه صرحًا من التصورات والأفکار الخاطئة وغير العقلانية التي يعيش بها ويسلک بناء عليها فلا يدرک ذاته جيدًا ولا قدراته ولا يؤمن بمقدرته على إثبات نفسه وتحقيق تواجد فعال بين المحيطين به، فيشعر أيضًا بالاکتئاب والإنسحاب والاغتراب (فتحية فتح الله نصر، 2017 ، منال محمد قلاشة، 2018).
ويعاني الطفل الکفيف من جهل مجتمعه في التعامل معه فقد يشعر بالرفض من المحيطين به الذين ينظرون إليه نظرة دونية حاکمين عليه بالضعف والعجز ، فيصبح غير قادر على التفاعل السوي مع من حوله، فيلجأ إلى السلوک الانسحابي حيث يتجنب المبادرة إلى التحدث مع الآخرين أو المشارکة في الأنشطة الاجتماعية، کما يشعر بعدم الارتياح لمخالطة المحيطين به، ورغم ذلک تجبره إعاقته البصرية على الاعتماد عليهم لمساعدته على القيام بأنشطته اليومية مما قد يولد لديه صراع بين الرغبة فى الانسحاب وبين الحاجة إلى الاعتماد على الآخرين، فتنتج عنه مشاعر الإحباط والتوتر، وقد يکون هذا الصراع سببًا في إعتناق الطفل الکفيف لبعض الأفکار اللاعقلانية التي تخلو من المنطق السليم مثل تجنب المشکلات والاعتمادية والشعور بالعجز واللامبالاه الإنفعاليه (فتحية فتح الله نصر،2017 B.Brody, 2009 ,).
وقد أشارت الدراسات في جملتها إلى أن المکفوفين يغلب عليهم مشاعر القلق والصراع والدونية، والاغتراب والسلبية وعدم الثقة بالنفس والانسحاب الاجتماعي والخوف من مواجهة المواقف الاجتماعية وأن هذه الفئة أکثر استخداماً للحيل الدفاعية کالکبت والتبرير والتعويض والانسحاب (دعاء خطاب، 2007،المعتصم بالله فوزى أمين،2016،فتحيه فتح الله نصر، 2017، منال محمد قلاشة، 2018) وفي ضوء ما تفرضه هذه الإعاقة على أصحابها من محدودية القدرات الاتصالية، إضافة إلى ما يعانيه الأطفال المکفوفين من بعض السلوکيات اللاتوافقية، ولندرة الدراسات التي تهتم بالأفکار اللاعقلانية لديهم، وعلاقة هذه الجوانب مع بعضها البعض، فقد جاء هذا البحث ليوضح العلاقة بين الأفکار اللاعقلانية وبعض مظاهر السلوک اللاتوافقي لدى الأطفال المکفوفين بالحلقة الأولى من التعليم الأساسي.